وکاله آریا للأنباء - قوات الاحتلال تمنع عرضاً موسیقیاً فلسطینیاً فی القدس بأمر من إیتمار بن غفیر. ماذا کشف لنا أحد منظمی العرض عمّا جرى؟
لم تمض دقائق على انطلاق أطفال وشبّان من "ملتقى الشباب التراثی المقدسی" فی عرضهم الموسیقی "أحلام تحت شجره الزیتون"، على خشبه مسرح الحکواتی فی مدینه القدس، حتى اقتحمت قوات ومخابرات الاحتلال الإسرائیلی المسرح بناءً على أوامر مباشره من وزیر الأمن القومی، إیتمار بن غفیر.
هکذا عمد المقتحمون مساء أول أمس الأحد إلى إیقاف الأمسیه بشکل قسری وإخراج الجمهور واقتیاد المنظّمین إلى "التحقیق".
وخلال لحظات الاقتحام، عمّت حاله من الخوف والفوضى فی القاعه، خصوصاً بین الأطفال المشارکین، إذ أظهرت مقطع فیدیو التقطت حینها صرخاتهم وحاله الصدمه التی أصابتهم. بعض الأهالی أشاروا إلى أنّ أطفالاً أصیبوا بحالات تقیؤ، فی مشهد یعکس أثر التدخل العنیف على أجواء أمسیه فنیه کان یُفترض أن تکون مساحه للاحتفال بجهدهم وحلمهم.
رمزی عباسی یروی لحظات ما قبل الاقتحام
رمزی عباسی، أحد منظمی العرض فی "ملتقى الشباب التراثی المقدسی"، قال فی حدیث إلى "المیادین الثقافیه" إن الأطفال انتظروا هذا الیوم بشغف کبیر: "انتظر الأطفال هذه اللحظه على أحر من الجمر. أرادوا أن یشاهد الأهل والأصدقاء المنتوج الذی تعبوا واستعدّوا من أجله. رأیت هذا الشغف فی غرفه تبدیل الملابس. کانوا مثل خلیه نحل بطاقه وابتسامه. الجو کان جمیلاً بکل معنى الکلمه، والحضور کبیر.. نحن نتحدث عما لا یقل عن 500 شخص".

لکن لحظه اقتحام قوات الاحتلال للمسرح قلبت المشهد رأساً على عقب، وفق عباسی الذی أضاف: "کل شیء کان جمیلاً ومرتباً. حتى الأطفال کانوا قد أخذوا أماکنهم على المسرح. کنت فی الخارج أستقبل الناس حین وصل أفراد المخابرات بلباس مقنّع وبأسلوب فظ. أعلنوا إلغاء العرض وکأنهم یدخلون إلى بؤره خطِره، لا إلى مکان ملیء بالأطفال. بدأوا بدفع الناس والتهدید بإخلاء المکان خلال 5 دقائق، وأعتقد أنهم رموا غازاً مسیلاً للدموع فی الداخل - لست متأکداً، لکننی رأیت أطفالاً یتقیؤون."
ویشیر عباسی إلى أن قوات الاحتلال کانت قادره على إلغاء العرض بطریقه أقل عنفاً: "کان یمکنهم إجراء مکالمه هاتفیه أو حتى إبلاغنا قبل ساعات. هم یدّعون أن العرض ممول من السلطه الفلسطینیه، وهذا غیر صحیح. یبحثون عن أی حجه. هل یعقل أن وزیراً للأمن القومی یجلس فی مکتبه لیوقّع أمر إلغاء عرض للأطفال؟".
View this post on Instagram
A post shared by 🇵🇸 عین على فلسطین | Eye on Palestine (@eye.on.palestine)
ویؤکد عباسی أن ما جرى لیس حادثاً معزولاً، بل جزء من نهج أوسع یستهدف المشهد الثقافی الفلسطینی فی القدس، ذلک أن "الاحتلال یرید إیصال رساله مفادها أنّ أی فعالیه تتعلق بالهویه الفلسطینیه - حتى لو کانت فلکلوراً - لن تُعرض فی القدس. إنها محاوله واضحه لطمس هویتنا، وحتى لشعورنا بها. فی المقابل، تُنفّذ کل فعالیات المراکز الجماهیریه والبلدیه من دون أی عوائق".

ویأتی هذا الاقتحام فی إطار سیاسه متصاعده لتقیید الفعالیات الفنیه والتراثیه الفلسطینیه فی مدینه القدس، فی محاوله لخلق بیئه مثقله بالإحباط ودفع الفلسطینیین للتراجع عن حضورهم الثقافی والإنسانی فی المدینه المحتله.
وکان من المقرر أن یقدّم أکثر من 70 طفلاً وشاباً لوحه فنیه تمزج الموسیقى الشرقیه بالدبکه الشعبیه والغناء الجماعی، ضمن رؤیه تجسد روح القدس وحلم أجیالها الناشئه بمستقبل أکثر أمانًا وحریه.
ویُعد "ملتقى الشباب التراثی المقدسی" من أبرز الأطر الثقافیه - الاجتماعیه التی تعمل على تطویر مهارات الأطفال والشباب وإتاحه مساحه لإبداعهم فی مدینه تزداد فیها القیود على النشاط الثقافی الفلسطینی.