وکاله آریا للأنباء - البرتغال فازت هذا العام بالمرکز الأول کأفضل أداء اقتصادی (شترستوک)
قالت مجله "الإیکونومیست" إن الأداء الاقتصادی العالمی فی هذا العام کان "یمکن أن یکون أسوأ بکثیر"، ففی أبریل/نیسان، ومع بدء الرئیس الأمیرکی دونالد ترامب حربه التجاریه، توقّع المستثمرون والاقتصادیون رکودا عالمیا حادا، لکن النهایه جاءت مختلفه، إذ سیحقق الاقتصاد العالمی نموا بنحو 3% هذا العام، وهی وتیره النمو المسجله نفسها العام الماضی، بینما تبقى البطاله منخفضه "تقریبا فی کل مکان"، وتواصل أسواق الأسهم تحقیق مکاسب "محترمه" خلال سنه جدیده من الارتفاعات.
لکن المجله نبهت إلى أن التضخم هو الذی "یثیر القلق" إذ بقی فی معظم دول منظمه التعاون الاقتصادی والتنمیه فوق هدف 2% الذی تضعه البنوک المرکزیه.
ورغم هذه الصوره الإیجابیه، تؤکد المجله أن الأداء الاقتصادی العالمی یخفی وراءه "تباینات واسعه".
وللسنه الخامسه على التوالی، أجرت "الإیکونومیست" تصنیفها السنوی لاختیار "اقتصاد العام". وجمعت بیانات عن 36 دوله متقدمه، وقامت بترتیبها وفق 5 مؤشرات:
التضخم الأساسی الذی یستثنی الغذاء والطاقه نظرا لتذبذبهما. مدى انتشار التضخم داخل مکونات سله المستهلک. النمو الاقتصادی . حرکه الوظائف. أداء أسواق الأسهم. وبناء على مجموع النقاط، تُحدّد المجله الترتیب النهائی لأداء الدول خلال 2025.
البرتغال فی القمه.. وتألّق جنوب أوروبا یستمر
وتکتب المجله أن النتائج حملت "أخبارا اقتصادیه جیده أخرى لجنوب أوروبا"، فبعد أن تصدرت إسبانیا التصنیف العام الماضی تفوز البرتغال هذا العام بالمرکز الأول، فقد استطاعت الجمع بین نمو قوی فی الناتج المحلی الإجمالی ، وتضخم منخفض، وسوق أسهم مزدهر.

جنوب أوروبا ینتعش بقوه ویرتقی فی التصنیفات الاقتصادیه بینما شمال القاره یتراجع تحت عبء التضخم وضعف الزخم الصناعی (الفرنسیه) وشهد الاقتصاد البرتغالی طفره بفضل ازدهار السیاحه، إضافه إلى انتقال عدد متزاید من الأثریاء إلى البلاد للاستفاده من نظامها الضریبی الجاذب.
وفی الربع الثالث من العام، سجّلت البرتغال نموا اقتصادیا یفوق معدلات الاتحاد الأوروبی، مع تضخم أساسی انحرف بـ0.1 نقطه مئویه فقط عن الهدف المثالی 2%، فی حین ارتفعت أسعار الأسهم بأکثر من 20% خلال 2025، وتزایدت فرص العمل بوتیره ملحوظه.
وتشیر المجله إلى أن دولا أخرى من جنوب منطقه الیورو التی عانت طویلا خلال العقد الماضی بدأت تستعید قوتها الاقتصادیه؛ فالیونان التی فازت بلقب "اقتصاد العام" فی 2022 و2023، وإسبانیا التی نالت اللقب العام الماضی، تحتلان أیضا مواقع متقدمه فی التصنیف هذه المره.
أیرلندا بین وهج الأرقام وتشوهات الحسابات القومیه
وتلفت الإیکونومیست النظر إلى وضع أیرلندا التی حققت فی الربع الثالث نموا اقتصادیا یفوق 12% على أساس سنوی، وهو رقم تصفه المجله "بالباهر والمضلل فی الوقت ذاته"، لأن الأرباح المحاسبیه للشرکات المتعدده الجنسیات التی تسجّل أعمالها داخل البلاد تقوم بتشویه الحسابات القومیه، ولذلک یفضّل الاقتصادیون الأیرلندیون الاعتماد على مؤشر "الطلب المحلی الإجمالی المعدل" الذی یقدم صوره أقرب إلى اقتصاد البلاد الحقیقی. ومع هذا التعدیل، جاءت أیرلندا فی المرکز الثانی کأحد أفضل الاقتصادات أداء.
تباینات أوروبیه.. شمال متعثر وجنوب منتعش
غیر أن الصوره لیست مشرقه فی کل أوروبا، ففی الطرف الآخر تقف دول شمال القاره مثل إستونیا وفنلندا وسلوفاکیا فی مؤخره الترتیب، أما ألمانیا فتقول المجله إنها أدّت "أفضل قلیلا" مما کانت علیه فی السنوات السابقه، لکنها "ما زالت بعیده عن الأداء الجید".
وینطبق الأمر نفسه على بریطانیا التی یتراجع فیها التضخم الأساسی مقارنه بالعام الماضی، لکنه لا یزال عند حدود 4%، وهو مستوى أعلى مما یرغب به بنک إنجلترا.
وتکتب المجله "إن أسواق العمل قویه" فی هذه الدول، لکن التضخم المرتفع یضغط على تقییمها الإجمالی.

الاقتصاد العالمی یحافظ على وتیره نمو مستقره عند حدود 3% رغم التوترات التجاریه والسیاسیه (الفرنسیه) وعلى الجانب الآخر، لا یخلو الانخفاض الحاد فی التضخم من مشکلات. ففی السوید، یبدو التضخم الأساسی "شبه غیر موجود"، وهو ما قد یبدو جیدا لجیوب الأسر بعد 4 سنوات من ارتفاع الأسعار، لکنه یثیر قلق الاقتصادیین من عوده "الانکماش" الذی یحدّ من إنفاق المستهلکین ویرفع العبء الفعلی للدیون.
وتضع فنلندا وسویسرا فی فئه الدول التی تعانی تضخما هزیلا مشابها.
أما الیابان، فتشهد تضخما أعلى مما کان الحال علیه فی 2010، لکن من دون أی مظاهر "ارتفاع مفرط" کما فی بلدان أخرى.
وفی ما یتعلق بمدى انتشار التضخم فی سله المستهلک، تشیر المجله إلى أن أسترالیا -على سبیل المثال- تشهد ارتفاعا فی أسعار "أکثر من 85% من السلع" بأکثر من 2% سنویا. کذلک ارتفع هذا المؤشر فی أمیرکا "ربما نتیجه سیاسه مالیه متهوّره" بحسب تقییم التقریر.
تغیّر موازین القوه الاقتصادیه عالمیا
ثم تنتقل المجله إلى ما یهم الناخبین عاده، النمو والوظائف. وهنا تتألق البرتغال مره أخرى، بینما تحقق جمهوریه التشیک وکولومبیا أیضا زیادات جیده فی الإنتاج والتوظیف. وفی المقابل، فقدت کوریا الجنوبیه وظائف خلال العام، بینما تعانی النرویج من تباطؤ الاقتصاد العالمی نظرا لاعتمادها الکبیر على السلع الأساسیه والنقل البحری.
أما أسواق الأسهم، فتقول المجله إنه کان من الممکن توقّع أن تکون بورصه الولایات المتحده "الفائز الجامح" بفضل أداء شرکاتها الکبرى، لکن الحقیقه أن مکاسبها فی 2025 "محترمه فقط"، وتُعزى بشکل أساسی إلى "نجاح سنوات سابقه"، ولیس بالضروره أداء مستحدثا لعام 2025 وحده.
کما تذکر المجله أن فرنسا شهدت حاله مشابهه، إذ بقی سهم شرکه "إل فی إم إتش" العملاقه للمنتجات الفاخره "من دون تغیّر یُذکر".
والأسوأ أداء فی العالم هذا العام کانت الدانمارک، حیث تراجع سهم شرکه "نوفو نوردیسک"، عملاقه سوق أدویه السمنه، بنحو 60% بعد فقدانها ریادتها فی هذا المجال.

عوائد الأسهم القویه فی البرتغال وإسرائیل تعزز جاذبیتهما لدى المستثمرین العالمیین (الفرنسیه) وحقق السوق البرتغالی مکاسب تجاوزت 20% هذا العام. وتختم المجله بجمله لافته تقول فیها: "وفقا لحساباتنا، یرتفع سوق الأسهم للدوله التی نُسمیها اقتصاد العام بنسبه 20% فی المتوسط فی العام التالی. نحن لا نقدم نصائح استثماریه، ولکن…".
عام صادم إیجابیا
وتقدّم المجله فی نهایه تقریرها صوره عام اقتصادی اتسم بالخوف من التضخم، لکنه فاجأ العالم بقدرته على الصمود وتحقیق التوازن. وفی حین أعاد جنوب أوروبا تثبیت نفسه فی موقع الصداره بعد سنوات من التحدیات، فقد أظهرت اقتصادات أخرى تعافیا أسرع من المتوقع، فی وقت تکشف فیه أمیرکا وشمال أوروبا عن نقاط ضعف فی مواجهه ضغوط الأسعار.
وبینما تتطلع الأسواق لعام 2026، یبقى السؤال مفتوحا: هل یحتفظ الجنوب بزخمه؟ أم یعید العالم توزیع مراکز القوه الاقتصادیه من جدید؟
المصدر: إیکونومیست