
وکاله آریا للأنباء - جاء هجوم تدمر السوریه لیکون بمثابه الاختبار الحقیقی الأول لمدى قدره حکومه دمشق على أن تکون شریکا فعلیا وقویا فی مکافحه الإرهاب والتطرف.
وإذا کانت حجه السوریون فی أن واشنطن لم تأخذ تحذیراتهم عن هجوم إرهابی وشیک على القوات الأمریکیه على محمل الجد قویه فی میزان النقاش، فإن اللافت کان حرص واشنطن على إبقاء زخم دعمها لدمشق قائما وعدم رفع الغطاء عنها باعتبار أن الفرصه لا تزال متاحه أمامها لإثبات حضورها الفاعل فی مکافحه التطرف وعدم الاعتماد المطلق على قسد فی هذا المسار الأمنی الطویل والمعقد والمفخخ بألغام السیاسه.
الرهان على دمشق لا یزال کبیرا ویرى المحلل السیاسی السوری سمیح الفاضل أن الرئیس الأمریکی دونالد ترامب حرص منذ اللحظه الأولى لانتشار خبر الهجوم الإرهابی فی تدمر على أن یضع الأمور فی نصابها الطبیعی حین أشار إلى أن ما حصل هو هجوم شنه تنظیم "داعش" ضد کل من الولایات المتحده وسوریا.
وفی حدیثه لـ RT، أشار الفاضل إلى أن ترامب عمد بشکل جلی وواضح إلى رفع المسؤولیه عن الحکومه السوریه جراء هذا العدوان حین لفت إلى أن الهجوم نفذه التنظیم فی منطقه شدیده الخطوره فی سوریا لا تسیطر علیها تماما الحکومه السوریه.
ولفت المحلل السیاسی السوری إلى أن ترامب أکد أن الرئیس أحمد الشرع غاضب ومستاء للغایه من هذا الهجوم فی مسعى منه لإضفاء المزید من المصداقیه على روایه الحکومه السوریه التی سبق وحذرت شرکاءها فی التحالف من هجوم إرهابی وشیک لکن تحذیراتها لم تؤخذ على محمل الجد وإن بقیت حجتها حاضره على مستوى التنبیه من الخطر الوشیک قبل وقوعه.
وأوضح أیضا أن المبعوث الأمریکی إلى سوریا توم باراک، سارع إلى التأکید على دور دمشق فی مکافحه الإرهاب، حین قال "سنلاحق إلى جانب الحکومه السوریه وبلا هواده کل فرد ومیسر وممول ومتواطئ متورط فی هذا العمل الشنیع".
کما تحدث المحلل السیاسی عن ترحیب باراک بالتزام الرئیس السوری أحمد الشرع القوی الذی یشارک عزمهم الراسخ على تحدید هویه مرتکبی هذا الهجوم وملاخقتهم ومحاسبتهم، الأمر الذی یؤکد، وفق المحلل، إجماع القاده فی واشنطن على تجدید الثقه بالحکومه السوریه فی مجال محاربه الإرهاب والتأکید على وجوب اطلاعها بالدور الأکبر فی هذا الشأن خاصه وأن قوات سوریا الدیمقراطیه تتحمل مسؤولیه کبیره عن الهجوم إن لم تکن متواطئه فیه نتیجه احتکارها لمشروع مکافحه داعش دون الوصول إلى نتائج جذریه فیه.
وأشار الفاضل إلى وجود عده جهات قد تکون مسؤوله بشکل أو بآخر عن هجوم تدمر، مبینا أن إیران لها مصلحه فی استهداف الأمریکیین فی سوریا من أجل إیجاد موطئ قدم لها فی هذا البلد مجددا، وکذلک الأمر بالنسبه لإسرائیل التی ترید أن تقول للأمریکیین بأن الحکومه السوریه الحالیه عاجزه وربما تکون متواطئه فی الهجوم والبدیل هو سوریا مقسمه متناحره تتهافت مکوناتها على تقدیم الضمانات لواشنطن وتل أبیب على حساب بعضهم البعض.
ویؤکد المحلل السیاسی أن "قسد" هی کذلک أحد المستفیدین الکبار من هذا الهجوم لأنه یقدمها کشریک وحید موثوق به بالنسبه للولایات المتحده.
وختم المحل السیاسی حدیثه بالتأکید على أن الهجوم الذی تبناه "داعش" فی إدلب بعد عملیه تدمر مباشره والذی أسفر عن مقتل أربعه عناصر من قوات الأمن السوریه، یؤکد بما لا یدع مجالا للشک وجود دول ومنظمات إرهابیه حریصه على ضرب الجهود الجباره التی تبذلها الحکومه السوریه من أجل تمکین حضورها السیاسی على المستویین الإقلیمی والدولی وحضورها الأمنی على المستوى الداخلی.
وأکد فی السیاق أن دمشق تسیر بخطى ثابته وحثیثه نحو تحقیق الأهداف التی رسمتها لنفسها.
"قسد.. نحن الضمانه والثقه" المفکر السوری الکردی جمال حمو، رأى خلال مقابله مع RT، أن أهم استنتاج قفز إلى ذهن الأمریکیین بعد هجوم تدمر تمثل فی التأکید على فکره أن "قسد" تبقى مصدر الثقه الأوحد بالنسبه لواشنطن فیما یخص ملف محاربه الإرهاب.
وفی حدیثه لـ RT، أشار حمو إلى أن القوات الأمریکیه کانت قد حاولت أن تحصر التعامل مع الجانب السوری بـ"قوات مکافحه الإرهاب" التی کان قوامها الأساسی هو "جیش سوریا الحره"، لکن الفشل الذی حصل فی تدمر أتى بشکل کبیر على سردیه دمشق التی تقول إن "قسد" یجب أن تنضوی تحت جناحها باعتبارها الجهه الرسمیه الوحیده المخوله بالانضمام إلى التحالف الدولی لمکافحه الإرهاب.
وتوقع حمو أن عملیه تدمر قد رفعت من أسهم "قسد" بشکل کبیر لدى واشنطن ودفعت هذه الأخیره للتریث بشأن الاعتماد الکلی على السلطات الإنتقالیه فی سوریا بشأن مکافحه الإرهاب بعدما تبین حاجه هذه السلطات إلى وضع عناصرها مجددا تحت رقابه التحلل من الإرث الجهادی.
وسخر المفکر الکردی من الأصوات التی ربطت بین "قسد" وعملیه تدمر، مشیرا إلى أنها محاوله یائسه للتغطیه على فشل حکومه دمشق فی أول اختبار حقیقی تتعرض له بشأن التنسیق مع واشنطن بشأن مکافحه الإرهاب.
فیما أعادت إلى الأذهان کما قال المفکر السوری الکردی جمال حمو، "البلاء الحسن الذی أبلته "قسد" فی مکافحه التنظیم التکفیری وطرده من مناطق شاسعه کان یسیطر علیها فی سوریا وصولا إلى تحویله إلى ذئاب منفرده تستطیع شن هجمات مؤلمه لکنها لا تستطیع تغییر الواقع المیدانی على النحو الذی تتمناه وتهدف إلیه".
المصدر: RT